القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة تحمليه لأجل طفلك




كانت كلمة أمها كلما أخبرتها عن سوء معاملة زوجها وجفائه معها وما تُعانيه من أهله وطريقتهم الفظة معها ، فتقول لأمها :


-ماعدت أقوى يا أمي بداخلي شخص مقهور لا يقوى على مُسايرة حياتي بهذا الشكل .


فترد أُمها في إصرار ملحوظ :

=وهل يُعجبك أن تجلسي بجانبي ويتشمت بي الناس بعد أن تتركي زوجك ؟ ، الجميع يُعاني ولستِ الوحيدة ، تحملي وكوني مسؤولة فلديكِ طفل ، ولا تعتادي زيارتي كثيرًا كيلا يُقال مُدللة ، لا تُخبري أحد بأمورك حفاظًا على بيتك.


فتبكي الفتاة وتحمل طفلها الذي يُطالع الحديث ويفهمه، قائلة :

-وهل يُعجبكِ منظري ؟ هل تُعجبكِ دموعي التي لا تكف لحظة عن السقوط ؟ ياليت والدي كان هنا ما حدث كل هذا ، منذ الخطبة وكان يُعاملني بقسوة فتقولين سيتغير بعد الزواج ، أقول لكِ يُهملني تمامًا وأهله تقولين لا يعرفك وبعد الزواج وعشرتك سيصبح أفضل ، ها هو حالي الآن . 

فتنهاها أمها عما تقوله مؤكدة أنها تعيش أفضل من غيرها ويجب عليها التحمل خشية كلام الناس ،

فكانت بالفعل تُحاول تدارك الأمور وتتحمل المزيد والمزيد لأجل ذاك الطفل الذي لا يخفى عليه كل هذا ، لكن المسكينة ذبلت كل الذبول وعانى طفلها من رؤية أمه المُتعبة لطوال الوقت .

وظلّت على حالها الذي يزداد سوءًا يومًا بعد يوم وإهانة وضعفٍ فوق ضعف ، حتى عاد عمها من سفرته الطويلة ، وقد تغيرت ملامحها كُلِّيًا حين زارته بمرافقة أمها وعلى وجهها آثار ضرب فسألها عن حالها :

-بخير يا عمي .

=لا يظهر عليكِ سوى الهم والغم ! 


فراحت تقص عليهِ كل شيء في غضب شديد من أمها التي ما أرادت أن يعرف عمها لطوال سنوات سفره ، فكان تصرفه كما توقعت تماما حيث أصرّ العم ألن تغادر الفتاة منزله قبل أن يلتقي بزوجها ويُخبره بحقوقها فإما أن يتقي الله فيها وإما أن تجلس في بيت عمها مُعززة مكرمة، ووبخ أمها كثيرًا على موافقتها لحياة ابنتها بهذا الشكل وتشجيعها على الإكمال في وضع خاطئ منذ البداية .

فلم يكن من الزوج سوى أن حاول التملص وعدم الذهاب بتاتًا حتى لا يعترف بأخطائه وقد أقر في نفسه أن يقوم بتكذيبها في كل كلمةٍ تُقال ، فلما فهم عمها تصرف الزوج وعدم سُؤاله لأيام أقر في نفسه أن الزوج يعلم في قرارة نفسه أنه على خطأ لكنه خاف المُواجهة ،

فقرر أن يأتي بالزوج والرجال من أهله وبكبار قريتهم من أهل الدين والخبرة لتكون جلسة كبيرة يُحكم فيها بالعدل والصلح أو الطلاق ، فلما حضر الجميع قال العم :

-لسنواتٍ وزوجتك لم تقل عنك سوى كل خير ، لم تخبرني يومًا ببطشك بها وإهانتك لها أنت وأهلك ، ألا تعلم أن كرامة زوجتك من كرامتك من أهانها فكأنما أهانك أنت ! ألم ترحم كونها يتيمة وكونها تُحاول مُسايرة حياتها رغم كل أفعالك ! ألم تتألم لأجل طفلك وهو يرى والده يُعامل أمه بهذه القسوة فيبكي لبكائها ، جعلتها خادمة لأهلك ولم تُقدر كونها قبلت ذلك دون اعتراض بل تعاونتم على قهرها ، والله لو علمت كل هذا منذ بداية زواجها لما أبقيتها معك يومًا واحدًا . 


كان وجه الزوج يتصبب عرقًا أمام الجميع ولا يعرف ماذا يقول ، فتكلم أحد الرجال من عائلته قائلًا :

=لا يصح مافعله ولدنا بابنتكم ونعتذر جميعًا نيابة عنه وسيتعهد الآن أمام الجميع ألا يتكرر ماحدث .


قال عمها بحسم : 

-يُعاهدني أمام الله ألا يمسها بسوء ، وأن يُكرمها حق التكريم ويُعوضها عن كل ما فات ، وأن يتقي الله فيها ، وأن يُحافظ على قلبها .


فوافقه الجميع على كلامه وأنه نعم الرأي والكلام ثم أضاف عم الزوج قائلًا : 

=وألا تخدم أحدًا سواه في بيتها فله إخوة يقمن على طلبات أمه وليس لزوجته شأن في هذا . 


فوافق على كلامهم وقبّل رأس زوجته وقد شعر بقيمتها وفراغ البيت منها ومن طفله ، واحتمالية ضياعها منه بسبب تعنته وظلمه لها ، وحديث أهل الدين له عن حقوقها الذي سلبها إياها منذ تزوجها ، وعن حديث أهل الخبرة له عن الرفق والرحمة بها ليعيش حياة هانئة مستقرة ، ولا سيما حديث عمها وأنه أوكل إليه أن يكون نعم الزوج والسند لها وإلا فلا يكون مستحقًا لها. #ريم_السيد


وقبل أن تُغادر مع زوجها قال لها عمها :

-كان خطؤك أكبر منه فأنتِ من قبلتِ بالاهانة منذ اللحظة الأولى لو رفضتي الظلم الواقع عليكِ منذ اللحظة الأولى ماكان هذا حالك ، لكن لا بأس فلا أحد يتعلم الدرس بسهولة . 

Comments

التنقل السريع